وهران: محمد درقي
تحوّل إضراب عمال مؤسسة بريد الجزائر، الذي يقترب من إقفال أسبوعه الثاني، إلى مشكلة حقيقية ترهن مستقبل ومصير المؤسسة ككل، حيث تتجه هذه الأخيرة من حالة العجز المالي الذي قدّرته الجهات المسؤولة بنحو 70 مليار سنتيم، إلى حالة الإفلاس التام بفعل احتمالات فرار زبائنها باتجاه المؤسسات البنكية
تؤشر التدابير الموازية التي صاحبت الحركة الاحتجاجية الواسعة التي يستظهرها عمال مؤسسة بريد الجزائر إلى تعقد وضعية هذه المؤسسة مستقبلا، في حال عدم اعتماد آليات عملية كفيلة بتحصينها من أي هزّات عنيفة، قد تكون عواقبها وخيمة على 30 ألف مستخدم ينشطون على مستواها، منذ قرار السلطات تقسيم قطاع البريد والمواصلات المؤرخ بسنة 2003، حيث يُحذر الكثير من المتتبعين للوضع السائد من تبعات عواقب تضييع المؤسسة لزبائنها المقدر مجموعهم بحوالي 17 مليون زبون، في ضوء إعطاء السلطات العمومية مؤخرا الضوء الأخضر للعديد من الإدارات العمومية لمباشرة إجراءات تحويل حسابات مستخدميها من بريد الجزائر باتجاه البنوك العمومية، على خلفية التذبذب الذي فجّره الإضراب، والضغط الكبير للزبائن، ونقص السيولة في العديد من المرات لاسيما في المناسبات، ناهيك عن التسهيلات التي قررها الوزير الأول، عبد المالك سلال، مؤخرا، والتي تلزم البنوك بتسهيل عمليات فتح الحسابات البنكية لغير الأجراء
وبالنظر إلى التصريحات الرسمية الأخيرة لمسؤولي المؤسسة، فإن بريد الجزائر يشهد حاليا عجزا ماليا تم تحديد قيمته بـ 70 مليار سنتيم، رغم تأطيره لهذا الكم الهائل من الزبائن على المستوى الوطني. فكيف سيكون حاله لو تم تهجير جزء هام من زبائنه الكبار مثلما تُحضر لذلك بعض الدوائر، على غرار 5,2 مليون متقاعد يباشر صندوق التأمينات الاجتماعية تحويل حساباتهم نحو البنوك ؟.. المؤكد أن أثـرها سيكون بالغا
غير أن المضربين في مواقع إضرابهم يشككون في صحة فرضية العجز المالي، محمّلين مسؤولية ذلك إلى الإطارات المسيرة وطنيا ومحليا، الذين يتقاضون، حسبهم، منحا فصلية وسنوية تتجاوز المائة مليون سنتيم لكل إطار، بينما يتولى العمال على المستوى القاعدي تحمل الأعباء والمهام المتعددة في صورة العمل في الليل أثناء شهر رمضان، وأيام السبت والعطل دون مقابل. وعلى صعيد آخر، تُحمل جهات نقابية الوضعية المالية الحرجة التي تمر بها المؤسسة إلى السلطات العمومية، بسبب تخلف هذه الأخيرة، منذ إجراء التقسيم، عن دفع استحقاقات ما يسمى بالخدمات العالمية، والمطبقة على المستوى الدولي نظير الخدمات العمومية التي يقدمها بريد الجزائر، ويتحمل نفقاتها لوحده في الوقت الراهن، حيث تؤكد ذات الجهات بأنه في حال تسوية الدولة لديونها العالقة، فإن كل المشاكل التي تعاني منها المؤسسة ومستخدميها ستُحل بشكل فوري