الاستاذ: الشرقاوي مهداوي
بقلم: الشرقاوي مهداوي
لعل من سخرية الواقع؛ أن يشعر المرء وكأن الأوضاع مازالت كما كانت عليه قبل التعديل الدستوري، بعد أن بحت حناجر الشيب والشبابِ، الإناث والذكور، في ساحات وشوارع الوطن براً ووفاءً وتقديساً لكرامة هذا الشعب
ففي المعترك المتواصل ما تزال المخاطر المفتعلة والمتوالدة تهدد سياسة الحكومة، لتجعل أحلام الناس تقتل من جديد ؛ في زمنٍ نحسب فيه أن أسباب المراوغة ؛ وتعمُّد أن تظل المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة غائبة؛ قد ولت إلى غير رجعة
أكيد .. استطاع المغرب أن ينتزع إعجاب العالم، بحكمة ملكه في قراءة التاريخ، وتدبر سياسة البلاد، ملك نجح بخبرته ودرايته بتعقيدات كل مكونات المجتمع تحقيق الاستقرار بهدوء، وتجاوز الأزمة بجدارة .. وحافظ للمغرب على استقراره، الشيء الذي جعل البلاد بنظر رؤوس الأموال الأجنبية والشركات المهتمة بمتابعة بيئة الأعمال ؛ وجهة مفضلة، وتربة خصبة
والحكومة برئاسة الأستاذ عبد الاله بنكيران، مطالبة من جهتها بالقضاء على الأدوات القديمة بكل تفاصيلها، أدوات أدارت الدولة ؛ واستغلت كل الموارد في تسوية النزاعات ؛ وتقاسمت المصالح؛ والتي ما يزال بعضها يتصدر المشهد، ويتقاسم الفساد والانتصارات والاتهامات باسترخاء، حتى العناوين تتساوى في الصحف وتملأ الحياة نزقاً.. ونفسها..نفسها .. تلك الوجوه ما تزال تقوم بنفس المهام، وتتحدى رئيس الحكومة، ولا تعبأ او تفكر بانعكاسات ومخاطر النشر والإفصاح في وسائل الإعلام عن الأعمال والتجاوزات التي ترتكبها .. بل وتتجاوز مربعاتها إلى تفاصيل الحياة، إلى مربعات ومهام يفترض أنها مستقلة .. لكن بحكم الإرث المتراكم فان الفساد الإداري يجعل الطرف القوي مطلق المفاسد، حتى وان دقت أجراس محاربة الرشوة ؛ ذلك ان المهمة عسيرة والمشوار بعيد جدا لإحلال قضاء حقيقي على الظاهرة.. إذ لن يكون بمقدورها أن تحل مشكلة السيطرة والنفوذ، أو ازدواجية المهام والقرارات، ولن تحد من عبث مراكز القوى وهيمنتها على الإدارة
وان صدقت توقعاتي فان ما سيجري في الأمد القريب والمتوسط لن يتعدى أكثر من تكييف محدود للقضاء على الرشوة ، ولعل الأخبار التي تتحدث عن تعليق لافتات هنا وهناك، وحملات اشهارية ببعض المنابر الإعلامية المحظوظة، (وهذا في حد ذاته يتنافى وأهداف الحملة) كلها أمور تندرج تحت هذا التوقع، وسيبدو واهما من يتفاءل ببساطة القضاء على الرشوة
إن هذه الظاهرة التي ظلت "طابو" في عهد الحكومات السابقة، تتهرب منها في كل الظروف والمراحل منذ أكثر من نصف قرن كي يستمر مثل هذا الوضع الذي يبدو أننا تعايشنا معه ومازلنا نعيشه اليوم، وسط استغراق في التفرج، وفراغ جمعوي، وضعف في أداء القوى السياسية والمواطن الذي اكتفى بمتابعة الأحداث بدلا من صناعتها
يجعل محاربة البرنامج من قبل قوى معلومة لا تعيش إلا في الماء العكر، بالوسائل الممكنة وغير الممكنة، أمرا أكيدا، لان مجرد الإعلان عن النية في محاربة الرشوة، ؛ سيكون من شانه خلخلة خفافيش الظلام كما سماها احد السياسيين
واعتقد أن أي تكييف أو توزيع أو دمج أو إلغاء في مستويات محدودة، سيمثل خطوة ايجابية وانجازا مؤقتا، لأن التحولات الآمنة والسليمة في مثل هذه الظروف من الأفضل لها أن تشهد خطوات متدرجة ..
إن البرنامج الوطني لمحاربة الرشوة، الذي لا نعرف منه إلا العنوان على غموض محتوياته يظل، نية حسنة، والنية الحسنة أيلغ من العمل
غير أن النية لا تكفي لتحقيق المشاريع والبرامج الوطنية الكبرى، والحديث عن برنامج وطني لمحاربة الرشوة، يقتضي فيما يقتضيه شرح مضامينه للخاصة، إن لم يكن واجبا شرحه لعامة الشعب، حتى تتضح الرؤيا، ولا يقع لحكومتنا ما وقع "لذاك اللي قال ليهم شحال تعطيوني نحيد ليكم الرشوة"، فأي تبرير للخطأ لن يقبل ولو كان بدواعي التعاطف مع مجموعةٍ ما .. لان المواطن بحاجة لان يفهم، بحاجة لترتيب أولوياته، والمستقبل القادم للشباب يجب أن يكون قويا محصناً وآمناً، حتى تتفجر المواهب والطاقات، وتتحمل مسؤوليتها بجدارة لبناء سمعة الوطن وصناعة مستقبلٍ تنبني كل مجالاته وتنميته على رافعات
قوية وأسس سليمة، وآمنة من المخاطر
س.س 18 دجنبر 2012
لعل من سخرية الواقع؛ أن يشعر المرء وكأن الأوضاع مازالت كما كانت عليه قبل التعديل الدستوري، بعد أن بحت حناجر الشيب والشبابِ، الإناث والذكور، في ساحات وشوارع الوطن براً ووفاءً وتقديساً لكرامة هذا الشعب
ففي المعترك المتواصل ما تزال المخاطر المفتعلة والمتوالدة تهدد سياسة الحكومة، لتجعل أحلام الناس تقتل من جديد ؛ في زمنٍ نحسب فيه أن أسباب المراوغة ؛ وتعمُّد أن تظل المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة غائبة؛ قد ولت إلى غير رجعة
أكيد .. استطاع المغرب أن ينتزع إعجاب العالم، بحكمة ملكه في قراءة التاريخ، وتدبر سياسة البلاد، ملك نجح بخبرته ودرايته بتعقيدات كل مكونات المجتمع تحقيق الاستقرار بهدوء، وتجاوز الأزمة بجدارة .. وحافظ للمغرب على استقراره، الشيء الذي جعل البلاد بنظر رؤوس الأموال الأجنبية والشركات المهتمة بمتابعة بيئة الأعمال ؛ وجهة مفضلة، وتربة خصبة
والحكومة برئاسة الأستاذ عبد الاله بنكيران، مطالبة من جهتها بالقضاء على الأدوات القديمة بكل تفاصيلها، أدوات أدارت الدولة ؛ واستغلت كل الموارد في تسوية النزاعات ؛ وتقاسمت المصالح؛ والتي ما يزال بعضها يتصدر المشهد، ويتقاسم الفساد والانتصارات والاتهامات باسترخاء، حتى العناوين تتساوى في الصحف وتملأ الحياة نزقاً.. ونفسها..نفسها .. تلك الوجوه ما تزال تقوم بنفس المهام، وتتحدى رئيس الحكومة، ولا تعبأ او تفكر بانعكاسات ومخاطر النشر والإفصاح في وسائل الإعلام عن الأعمال والتجاوزات التي ترتكبها .. بل وتتجاوز مربعاتها إلى تفاصيل الحياة، إلى مربعات ومهام يفترض أنها مستقلة .. لكن بحكم الإرث المتراكم فان الفساد الإداري يجعل الطرف القوي مطلق المفاسد، حتى وان دقت أجراس محاربة الرشوة ؛ ذلك ان المهمة عسيرة والمشوار بعيد جدا لإحلال قضاء حقيقي على الظاهرة.. إذ لن يكون بمقدورها أن تحل مشكلة السيطرة والنفوذ، أو ازدواجية المهام والقرارات، ولن تحد من عبث مراكز القوى وهيمنتها على الإدارة
وان صدقت توقعاتي فان ما سيجري في الأمد القريب والمتوسط لن يتعدى أكثر من تكييف محدود للقضاء على الرشوة ، ولعل الأخبار التي تتحدث عن تعليق لافتات هنا وهناك، وحملات اشهارية ببعض المنابر الإعلامية المحظوظة، (وهذا في حد ذاته يتنافى وأهداف الحملة) كلها أمور تندرج تحت هذا التوقع، وسيبدو واهما من يتفاءل ببساطة القضاء على الرشوة
إن هذه الظاهرة التي ظلت "طابو" في عهد الحكومات السابقة، تتهرب منها في كل الظروف والمراحل منذ أكثر من نصف قرن كي يستمر مثل هذا الوضع الذي يبدو أننا تعايشنا معه ومازلنا نعيشه اليوم، وسط استغراق في التفرج، وفراغ جمعوي، وضعف في أداء القوى السياسية والمواطن الذي اكتفى بمتابعة الأحداث بدلا من صناعتها
يجعل محاربة البرنامج من قبل قوى معلومة لا تعيش إلا في الماء العكر، بالوسائل الممكنة وغير الممكنة، أمرا أكيدا، لان مجرد الإعلان عن النية في محاربة الرشوة، ؛ سيكون من شانه خلخلة خفافيش الظلام كما سماها احد السياسيين
واعتقد أن أي تكييف أو توزيع أو دمج أو إلغاء في مستويات محدودة، سيمثل خطوة ايجابية وانجازا مؤقتا، لأن التحولات الآمنة والسليمة في مثل هذه الظروف من الأفضل لها أن تشهد خطوات متدرجة ..
إن البرنامج الوطني لمحاربة الرشوة، الذي لا نعرف منه إلا العنوان على غموض محتوياته يظل، نية حسنة، والنية الحسنة أيلغ من العمل
غير أن النية لا تكفي لتحقيق المشاريع والبرامج الوطنية الكبرى، والحديث عن برنامج وطني لمحاربة الرشوة، يقتضي فيما يقتضيه شرح مضامينه للخاصة، إن لم يكن واجبا شرحه لعامة الشعب، حتى تتضح الرؤيا، ولا يقع لحكومتنا ما وقع "لذاك اللي قال ليهم شحال تعطيوني نحيد ليكم الرشوة"، فأي تبرير للخطأ لن يقبل ولو كان بدواعي التعاطف مع مجموعةٍ ما .. لان المواطن بحاجة لان يفهم، بحاجة لترتيب أولوياته، والمستقبل القادم للشباب يجب أن يكون قويا محصناً وآمناً، حتى تتفجر المواهب والطاقات، وتتحمل مسؤوليتها بجدارة لبناء سمعة الوطن وصناعة مستقبلٍ تنبني كل مجالاته وتنميته على رافعات
قوية وأسس سليمة، وآمنة من المخاطر
س.س 18 دجنبر 2012