ائذنوا لى أن أزف إلى أربعة.. بل إلى خمسة. أو تسعة إن أمكن
فلتأذنوا لي بمحاكاتكم
ائذنوا لي أن أختارهم كما يطيب لجموح خيالي الاختيار
أختارهم مختلفي الأشكال والأحجام. أحدهم ذو لون أشقر وآخر ذو سمرة بقامة طويلة أو ربما قصيرة. أختارهم متعددي الملل والديانات والأعراق والأوطان. وأعاهدكم أن يسود الوئام
لن تشتعل حرب أهلية ذكورية، فالموحد امرأة
اخلقوا لي قانوناً وضعياً أو فسروا آخر سماوياً واصنعوا بنداً جديداً ضمن بنود الفتاوى والنزوات. تلك التي تجمعون عليها فجأة ودون مقدمات
فكما اقتادوني دون مبررات لمتعة وعرفي وفريندز ومصياف ومسيار وأنواع مشوشة من الزيجات، فلتأذنوا لي أن أقتاد بدوري أربعة
هكذا رحت أطالب مرة بحقي في تعدد الأزواج أسوة بحقه في تعدد الزوجات. استنكروها، النساء قبل الرجال. والنساء اللواتي تزوج عليهن أزواجهن أكثر من المعلقات بأحادي الزوجة. والنساء المتزوجات أكثر من العازبات. كتب رجال الدين الشيء الكبير من المقالات والسؤالات حول عمق تعريفي للزواج وعمق تديني وكتب القراء كثير من الرسائل أطرفها من يريد الاصطفاف في طابور أزواجا المأمولين
أصل الموضوع كان تعنتي وإصراري على أحادية العلاقات. أصله رغبة جامحة باستفزاز الرجل عبر طلب محاكاته بالشعور بذاك الإحساس الذي ينتابه (وأحسده عليه) وسط أربعة أحضان.. ألم يمتدحه الرجال؟ ألا يتمنونه بالسر وبالعلن؟ لطالما طرحت السؤال حول علة الاحتكار الذكوري لهذا الحق. لكن أحداً لم يتمكن من إقناعي لم: أنا محرومة من تعدد الأزواج؟
كرروا على مسامعي ذات أسطوانة الأسئلة وقدموا ذات الحجج التي يعتقدونها حججاً
قالوا إنك لن تتمكني كامرأة من الجمع جسدياً بين عدة رجال، قلت لهم الزوجة التي تخون وبائعة الهوى تفعلان أكثر، بلى أستطيع. قالوا المرأة لا تملك نفساً تؤهلها لأن تعدد. قلت: المرأة تملك شيئاً كبيراً من العاطفة، حرام أن يهدر، تملك قلباً، حرام اقتصاره على واحد. إن كان الرجل لا يكتفي جنسياً بواحدة فالمرأة لا تكتفي عاطفياً برجل.. أما عن النسب فتحليل الحمض النووي سيحل المسألة. بعد فترة لم يعد تفكيري منحصراً في تقليد الرجل أو منعه من التعدد، صار تفكيراً حقيقياً في التعددية، التي نخجل نحن النساء من التصريح عن رأينا الداخلي بها
التعددية التي انتشرت بدايات البشرية وزمن المجتمع الأموي والمرأة الزعيمة. التعددية التي اختفت مع تنظيم الأسرة وظهور المجتمع الأبوي وبدايات نظام الاقتصاد والرغبة في حصر الإرث وحمايته.. لأجل تلك الأسباب كان اختراع البشرية للزواج. وجاءت الأديان لتدعم أنه مؤسسة مودة ورحمة وأداة تناسل وحماية من فوضى الغرائز
كل الفوائد المجتمعية مكفولة به. وكثير من المصالح الدينية مضبوطة به. عدا شيء واحد. لم يحك عنه المنظمون. وهو دوام التمتع بالجنس.. ودوام الانجذاب داخل زواج خلق لتنظيم الجنس
جاءت حماية الأمور المادية للمجتمع من اقتصاد وأخلاق على حساب الشغف الطبيعي بين الأنثى والذكر. ونسى المنظمون أن الزواج يستحيل عليه تنظيم المشاعر التي ترافق الجنس. لأن لا قانون لها ولا نظام الجنس داخل مؤسسة الزواج واجب روتيني.. أحد طقوس الزواج اليومية. وسيلة إنجاب، إثبات رجولة، كل شيء عدا أنه متعة جسدية ونفسية
يقول الرجال: يصيبنا الملل، تغدو كأختي، لا أميل لها جنسياً مثل بداية زواجنا صار بيتي كالمؤسسة، اختفى الحب
الملل.. أهو قدر طبيعي لمعظم الزيجات؟
فتبدأ ما نسميها (خيانة)، ويبدأ التعدد لا لأن الرجل لا أخلاقيات له لكن لأن الملل أصابه حتى المرض، والتقاليد وأهل الدين يشرعون له الشفاء
أما المرأة فتحجم عن الخيانة، لا لأن الملل لم يقربها، بل على العكس في الغالب هي لم تشعر بأي لذة منذ الليلة الأولى في هذا الزواج التقليدي المنظم. لكن لأن التقاليد وأهل الدين يأمرونها بأن تلزم بيتها و(تخرس) هل كل المتزوجات في مجتمعاتنا الشرقية مكتفيات جنسياً؟ بالطبع لا
تخجل المرأة من التصريح بأنها لا تنتشي (أو لم تعد تنتشي)، وأن ملمس زوجها لم يعد يحرك بها شيئاً.. وتستمر بممارسة أمر تعده واجباً دينياً قد يسهم بدخولها الجنة خوفاً من أن تبوح برفضها فيلعنها زوجها وتلعنها الملائكة. سيمون دى بوفوار بقيت على علاقة حب بسارتر حتى مماتها لم يتزوجا ورغم مغامراتهما المنفردة بقيا على ذات الشعور الجارف بالحب تجاه بعضهما
هل الأحادية في أصلها الإنساني خطأ؟ هل الحياة داخل منزل واحد والالتصاق الشديد هو سبب الملل؟ اختفاء عنصر التشويق
هل صحيح أن الأجساد كلما ابتعدت يرسخ الانجذاب، وكلما اقتربت الأجساد حد التوحد اليومي ابتعدت الأرواح؟ هل من الغلط انتقالهما للحياة في منزل مشترك؟ لماذا يدوم كثير من العلاقات خارج إطار الزواج لسنوات طويلة وحين يتم الزواج ينتهي كل ما جمعهما؟ حتى يقال (انتهت علاقتهما بالزواج) وكأنها فنيت
هل هناك خطأ في الزواج نفسه؟ هل يكون عقد النكاح المكتوب هو السبب.. تحويل المشاعر لأوراق تصادق عليها المحكمة والشهود لإبرام تحالف المفترض أن يكون روحياً؟ أهو اختلاط الحب والانجذاب بالالتزام القانوني والرسميات.. أم أن تدخل الأهل واشتراط موافقة جمع هائل من المجتمع والنظام ومختلف المعابد قد يفرغ المشاعر من روحها..
التعدد في اعتقاد كثيرين هو حل لمشكلة الملل والسأم وتلبية لمشاعر الرجل، لكن في احتكار الرجال للتعدد دون النساء تمييز وخرق لكل معاهدات سيداو. إذ كيف تلبى مشاعر المرأة؟
إما التعدد لنا أجمعين أو محاولة البدء برسم خارطة جديدة للزواج.. تحل أزمة الملل وحجة الرجل الأبدية. وحتى ذلك الوقت يبقى سؤالي مطروحاً: ما الحل إن أصابني الملل من جسده أو شعرت أنه أخي