الأضحية سنة مؤكدة في معظم المذاهب،وواجبة في مذهب الإمام أبي حنيفة،وهي عبادة وقربة إلى الله،والقربان والعبادات منها ما هو محدد بأوقات معينة،والأضحية من هذا النوع،فوقتها محدد بكونه بعد صلاة عيد الأضحى.فإذا كان هناك أكثر من مكان في البلدة لصلاة العيد،فبعد أسبق صلاة تكون الأضحية.ويجوز تأخير الذبح إلى اليوم الثاني وكذلك اليوم الثالث وهي المسماة أيام التشريق..وقال البعض بجواز الذبح في هذه الأيام ليلا أو نهارًا.وقد جاء عن أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا "من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا".وجاء في حديث آخر أنه سئل عن الأضحية.فقال:"سنة أبيكم إبراهيم".رواه الترمذي والحاكم ولهذا،فالضحية إما سنة مؤكدة،وإما واجب،والمذاهب الأخرى غير الأحناف تكره لمن كان من أهل اليسار ألا يضحي،فيوسع على نفسه وعلى أهله،وعلى من حوله من الفقراء والجيران.ولهذا كانت السنة في توزيع الأضحية أن يقسمها أثلاثًا،ثلث لنفسه وأهله،وثلث لمن حوله من جيرانه،وثلث للفقراء والمساكين..ولو تصدق بها كلها لكان أكمل وأفضل،إلا بعض الشيء يتبرك به ويأكل منه،قد شرع الله الأضحية لتكون يوم العيد وما بعد العيد توسعة على الناس.وعلاقة بالأضحية هناك خمسة أصناف من الأغنام في المغرب،وكل صنف معروف بمنطقة معينة فمثلا صنف الصردي يتواجد بمنطقة الشاوية الرحامنة السراغنة،وصنف الدمان بمناطق تافيلالت والواحات،وصنف بني كيل بالمنطقة الشرقية،وصنف تيمحضيت للأطلس المتوسط،وصنف بجعد أو صفراء بجعد بمنطقة باجعد.كما يوجد خليط من الأصناف خصوصا في ضواحي المدن الكبرى التي يسمح فيها بالتهجين الذي يهدف إلى تحسين إنتاج اللحوم،لكن في مناطق الأصناف المذكورة سلفا فمطلوب أو مفروض على الكسابين عدم التهجين بين الأصناف للحفاظ على الأصناف الخمسة بالمغرب.ويستحسن شراء الأضحية مباشرة من عند الكساب الذي يشقى ويتعب لمدة طويلة من أجل إعداد الماشية لهذه المناسبة العظيمة،وفيما يخص نوعية الأضحية فيرجى تجنب الأنثى التي سبق لها أن أنجبت،أما الأنثى التي لم يسبق لها أن ولدت فقيمتها الغذائية كقيمة الخروف لكن بعد أن تلد تكون هناك بعض الهرمونات التي تمر مع الدم وتؤثر على جودة اللحوم.كما يجب اجتناب شراء الأغنام التي تنقصها بعض الأعضاء أو فيها كسور أو تعتريها بعض العيوب فهذا من السنة الحميدة التي يجب التشبت بها.ويذكر أن بورصة أثمان الأكباش بالمغرب تتخللها تجاوزات وحالات غش كثيرة،من بينها ما يقوم به البعض من تسمين الخروف بطريقة سريعة تتضمن تحايلا على المشتري من أجل الإقبال على كبش سمين ورخيص في نفس الوقت لكي يضحي به يوم العيد المرتقب يوم 26 أكتوبر الجاري.
الكباش تنطح جيوب المغاربة
يحظى عيد الأضحى المبارك، أو العيد الكبير كما نسميه،باهتمام وحرص للإحتفاء به وجعل المناسبة الدينية حدثاً ساميا للتكافل الإجتماعي والتضامن وصلة الأرحام.ولايمكن الحديث عن العيد الكبير دون استحضار الكباش باعتبارها محور المناسبة،ومؤثرا في الرأي العام قبيل العيد،إذ تفسح له المجال للحديث عن الأسواق والأسعار والقروض وما لا ينتهي من الموضوعات التي تدخل حديث المجالس في سجالات ومتاهات لاقتناء الأضحية ولوازم العيد.وإذا كانت بهجة العيد لا تكتمل في الأسرة إلا باقتناء الأضحية،إلا أن المناسبة تصبح محكا حقيقيا لميزانية الأسرة التي تتحكم فيها أشكال متعددة للقروض (السكن، الإستهلاك..) ومصاريف الماء والكهرباء،وتكاليف المعيشة التي تشهد ارتفاعاً لافتاً.
إذن،كيف للميزانية الهزيلة للسواد الأعظم من المغاربة أن تستقر على أرضية متينة،ومما يعقدها ويدخلها في عجز مستمر توالي المناسبات والأحداث و"المفاجآت" بدءاً من العطلة الصيفية والدخول المدرسي ورمضان والأعياد.ولا يمكن لأمهر المحاسبين فك معادلة:الدخل المحدود أمام الحاجيات والمتطلبات المتوالية.وسط هذه "الإكراهات" وغيرها نتساءل عن كيفية استطاعة اقتناء الأضحية؟ وهل يعقل أن يتحكم الشناقة والبزناسة في الأسعار؟ وما صحة الأرقام والإحصائيات التي تقدم سنويا عن وفرة الأضاحي؟ ومن المسؤول عن غلائها؟ وكيف تحولت المناسبة الدينية إلى معادلة اقتصادية تتحدث عن الملايير هي عائدات بيع الأضاحي..متى يصبح للمواطن وعي بأن تجليات المناسبة الدينية وغاياتها ليست في المباهاة بسعر الأضحية وشكلها وسلالتها،بل في إحياء السنة وإضفاء أجواء التراحم والتضامن بين المواطنين...ويتذرع معظم التجار بالقول إن ما يتحكم في السعر هو ثنائي العرض والطلب،وهذا ما أكده أحد الكسابة.للعلم أن ما يتم تداوله من وجود سماسرة "الشنَاقة" أو البزناسة والذين يساهمون بطريقة مباشرة في رفع الأسعار لا يوجدون فقط في قطاع تربية الماشية بل في قطاع البناء وقطاع الحبوب والخضر والفواكه،مضيفا أن هناك عوامل أخرى تؤثر في السعر،منها الجودة والصنف وسن الأضحية وكذلك المناطق ومكان السعر والفترة التي تفصلنا عن العيد.
النقل وأكرية محلات العرض واختلاف ضرائب وجبايات الأسواق
أفادت الجمعية الوطنية لتربية المواشي بأن السوق تبقى مفتوحة في وجه العديد من المضاربات والتأويلات،خصوصا أن العديد من "الكسابة" أصبحوا يفضلون بيع منتوجهم بالجملة في عين المكان،أي في عقر الدار،عوض التنقل إلى الأسواق مخافة إكراهات النقل والضرائب المباشرة والذعائر التي تمليها أمكنة العرض والطريق...عوامل تلعب كلها لصالح " الشناقة "،الذين يستطيعون رفع الأثمان حسب هامش الربح الذي يرغبون فيه دون الأخذ بعين الاعتبار عامل معاناة الزبناء وحالتهم المادية المتأثرة من جراء توالي مناسبات الصيف ورمضان والدخول المدرسي التي استنزفت ميزانياتهم بشكل حاد.ويزيد من ارتفاع أسعار الاكباش في الأسواق عمليات الاحتكار التي يقوم بها هؤلاء "الشناقة"،ونقل الأكباش من سوق معين في مدينة ما إلى سوق آخر أكثر رواجا قصد نيل أرباح مالية أكبر،الوضع الذي يزيد من ارتفاع أثمانها وتضرر الفئات الفقيرة بسبب ذلك
الغلاء هاجس الفقراء
دخلت العديد من العائلات العنابية في سباق مع الزمن تزامنا مع العد العكسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك والذي لا تفصلنا عنه إلا أيام معدودات من خلال الشروع في اتخاذ كافة الاحتياطات المادية اللازمة استعدادا لهذه المناسبة العظيمة من خلال اتباع سياسة التقشف والتوفير وتقليل المصارف اليومية.لاسيما تلك العائلات ذات الدخل المحدود والتي تعتمد في عيشها على مورد واحد بما في ذلك العائلات المعوزة والمزلوطة،وذلك على خلفية الأسعار غير المستقرة وغلاء الماشية،إضافة إلى ذلك الاضطرابات التي تعرفها جل الأسواق والمغالاة في البيع ناهيك عن التوابع الأخرى الناجمة عن مثل هذه الظواهر السلبية المتمثلة أساسا في الابتزاز والاحتكار أثناء عمليات البيع والشراء من طرف بعض الكسابة والخواص باعتبارهم الجهة الواحدة الممولة لمختلف محطات البيع للأغنام.وفي هذا الصدد يرى الكثير من العارفين بهذا الشأن أنه آن الأوان للحكومة للدخول في الخط لتنظيم السوق ما دامت هي الجهة المكلفة برعاية مختلف نشاطات أسواق الماشية،وذلك بهدف حماية المستهلك من كل التجاوزات التي قد تطرأ من حين إلى آخر أثناء الممارسة التجارية،والحيلولة دون دخول الوسطاء الشنأقة الذين يلهبون الأسعار ويشيعون الفوضى والقلاقل من خلال الأثمان الباهضة التي يفرضونها على المشترين،منتهزين في ذلك غياب الرقابة القانونية والمتابعة الميدانية لمختلف الأطوار أثناء عمليات البيع والشراء باعتبارهم جهة غير شرعية همهم الوحيد الربح السريع على حساب الطبقة الضعيفة واستغلال الظروف لنيل أكبر قسط من الربح بعيدا عن أعين الجهات الرقابية.هذا من جهة ومن جهة ثانية بات من الضروري أكثر من أي وقت آخر على الجهات الحكومية الشروع في وضع الآليات والترتيبات القانونية اللازمة لتنظيم أسواق الماشية وتفعيلها من جديد في إطار قانوني من شأنه لعب دور الوسيط بين المستهلك والبائع حفاظا على استقرار الأسعار حتى تكون الفرصة مواتية لغالبية الشعب المغربي.
رسائل البورطابل"الإس م س"لتهاني العيد
عيد الاضحى مناسبة مثله مثل مناسبات أخرى فرصة لتبادل التهاني والتماني،وصلة الرحم والتواصل مع الأصدقاء والأحباب.ولم يعد العيد الكبيراستثناء من حيث طريقة تبادل هذه التهاني، بعد ان طغت وسائل الاتصال الحديثة لاسيما الهاتف النقال على العادات المغربية.ومن مقتضيات وسائل الاتصال الحديثة التنوع والتجدد،لأن هذه الأخيرة لا تؤمن بالكلاسيكية في الأشياء،ولذلك فإننا أصبحنا عشية حلول أية مناسبة نبحث عن "الرسالة الجديدة الجميلة" التي سنتباهى بها عند إرسال تهانينا عبر المحمول للأصدقاء والعائلة.وعشية العيد يبدأ البحث عن الجديد لإرسال التهاني قبل الآخرين... وتتنوع الرسائل القصيرة أو "الاس م س" الخاصة بالمناسبة بين العادية والدينية وتلك التي تحمل معاني الحب والود، وبعضها يصل إلى حد المزاح الثقيل، والمثير للانتباه أيضا أن التهاني بالأعياد التي كانت عادة ترسل بالفرنسية أو بالعربية المكتوبة بالاحرف اللاتينية، اصبحت حاليا ترسل باللغة العربية بعد أن أصبحت الهواتف المحمولة تتيح القراءة والكتابة بالعربية.جدير بالقول إن هذا النوع من الرسائل القصيرة حتى وإن كان مرحبا به من طرف مستقبليه لما يحتويه من تهاني، فإنه لايلبي تلك الرغبة في الجديد الذي تحمله الرسائل التي تؤلف بصيغة شعرية جميلة.وأصبح هذا النوع من الرسائل الشعرية الاكثر انتشارا في السنوات الاخيرة، بحيث اضحى مجالا خصبا لإبداع المبدعين،وتصاغ بعض الرسائل على شكل دعاء من المرسل الى المستقبل.كما تأخذ رسائل أخرى شكلا حميميا لتعبر عن خصوصية العلاقة بين الطرفين.وقد يتجاوز الأمر حد التعبير عن المودة والصداقة والقرابة والزمالة إلى التعبير عن "حقد" مغطى بمسحة مزاح .هذه طبعا بعض أنواع رسائل التهاني التي تعكس مدى التغير الذي أضفته وسائل الاتصال الحديثة علينا.مع ذلك فإن مثل هذا الإبداع الذي نجهل أصحابه الأصليين يعد من المظاهر الإيجابية لاستخدامات الهاتف المحمول، حتى ولو كان البعض يعترض على الاكتفاء برسالة قصيرة بدل مكالمة أو زيارة.
"الحولي بالكريدي" تغزو الفضاءات العمومية
تحاصر مؤسسات القروض البنكية الصغرى المستهلكين، قبل أيام قليلة عن عيد الأضحى، بعروض توصف ب"المغرية"، من خلال لوحات وملصقات إشهارية ووصلات سمعية بصرية، تتضمن آخر وأهم العروض.وتقترح بعض شركات الاقتراض على زبنائها، في مثل هذه المناسبات، قرضا تبلغ قيمته 20 ألف درهم، يؤديه المقترض مقسما على 24 شهرا، بقسط 892 درهما للشهر، أو 50 ألف درهم مقسمة على 72 شهرا، بتأدية 920 درهما للشهر، إضافة إلى "قرعة كبرى" يمكن للفائز بها الحصول على أجهزة إلكترونية. لكن مجمل هذه الشركات لا تحدد نسبة الفائدة على القروض، وتترك ذلك إلى حين المواجهة المباشرة بينها وبين الزبون.وتتراوح قيمة الفائدة على القروض، حسب مسؤول في إحدى مؤسسات الاقتراض، فضل عدم ذكر اسمه، بين 7 و14 في المائة، وهي نسبة مرتفعة، مقارنة مع الأيام العادية. واعتبر المتحدث أنه، رغم ارتفاع نسبة الفائدة، فإن الإقبال على هذه العروض الموسمية يبقى كبيرا، مشيرا إلى أن المنافسة بين شركات القروض تجعل الكثير منها يفضل ألا يكشف عن المعطيات الرقمية، التي تدل على حجم الإقبال على قروض الاستهلاك.ولا تكتفي هذه الإعلانات التي تغزو جل شوارع المدن المغربية، باقتراح قروض استهلاك خاصة باقتناء خروف العيد، بل تتعداها لتشمل مواجهة مصاريف هذه المناسبة، مثل شراء الأجهزة الإلكترونية المنزلية.
وحسب محمد أوحسين، الكاتب العام للجامعة الوطنية لحماية المستهلك، فإن مؤسسات الاقتراض تحل مشاكل مجموعة من المستهلكين، في وضعية اقتصادية صعبة، من خلال قروض بهذه المناسبة. وقال أوحسين،إنه يتمنى أن "تكون مؤسسات مواطنة، لأن نسبة الفائدة في هذه السلفات الصغرى لا تتلاءم مع القدرة الشرائية للمقبلين عليها، لهذا نطلب من المستهلك أن يوقف تعامله مع المؤسسات، التي لا تحترم الوضع الاقتصادي لزبنائها".
وحسب بحث للجامعة الوطنية لحماية المستهلك، فإن النساء العملات في المصانع هن أكثر المقبلين على قروض الاستهلاك في مثل هذه المناسبات، ويليهن الأجراء في القطاع الخاص، ثم الجنود. وأضح أن النساء أكثر التزاما في تسديد الديون المترتبة عنهن، في حين، تجد مؤسسات الاقتراض صعوبات في استخلاص الديون من لدن الرجال، وغالبا ما تلجأ إلى القضاء لاستعادة الدين.
وحسب مسؤول بإحدى المؤسسات البنكية، فإن الاقتراض من هذه المؤسسات يعرف انتعاشا مهما هذه السنة، خاصة مع تزامن العطلة الصيفية وشهر رمضان والدخول المدرسي. واعتبر المتحدث أن للاقتراض "مزايا كثيرة لا يمكن إنكارها، في ظل الأوضاع الراهنة، التي تتميز باستمرار تدهور القدرة الشرائية، بفعل الارتفاع المستمر للأسعار وجمود الأجور". لكن أوحسين يعتبر أن هذه القروض أغرقت المستهلكين في الديون، وساهمت في التفكك الأسري لمجموعة من العائلات، وأضاف "نحن نريد سلفات تجمع شمل الأسر، لا أن تفرقها