اكدت الدراسات التاريخية ان صعود انظمة وافول اخرى سنة لابد منها وهذا راجع الى تضارب المتناقصات في التاريخ او صراع المصالح وتضاربها والذي تؤسس له احداث تحدث رجة او طفرة من خلالها تبرز قوى جديدة مسيرة للشان العام وهذا حال العالم العربي الذي عرف بفضل الحراكات المجتمعية باختلاف دوافعها ومرجعياتها افول انظمة تقليدية وسيطرة اخرى اغلبها ذات توجه اسلامي جراء تراكم معطيات تاريخية واقتصادية نتجت عنها تغيرات بفضل الربع الديمقراطي فهل تربع قوى الاسلام السياسي على عروش اغلب الدول العربية والاسلامية راجع الى قوة تنظيماتها الداخلية؟ ام ان تراجع بريق القوى الديمقراطية له الدور الاساسي في هذا البروز؟
في ظل التحولات التي شهدها وتشهدها مجتمعات العالم المعاصر ومنها دول العالم العربي والاسلامي والتي يمكن ابراز تجلياتها في الازمات الثقافية (صراع/حوار الحضارات ) والسياسية (صعود قوى سياسية وفول اخرى وتراجع تاثير استخدام الجماعات المسلحة)والاقتصادية (الازمة الاخيرة وغلاء المعيشة..)
على ضوء ما اصاب الانظمة العربية من تصدعات جراء الحراك الذي وصف حسب ادبياتنا السياسية بالربيع الديمقراطي وما نتج عنه من تغيرات –جوهرية- همت /مست كل الميادين ,وافرزت صعود قوى سياسية جديدة و افول التقليدية منها الى حد ما وعلى ضوء الشروخ الناتجة عن هذه التحولات اصبح الواقع اليوم يفرض علينا قراءته من جديد حتى نتمكن من تخطي الازمات المقبلة والخروج بايجابات واضحة المعالم ودقيقة الاهداف ومحكمة التشخيص.
فاذا كانت الاسئلة الى وقت قريب –اي قبل الربع العربي –منصبة على قدرة قوى الاسلام السياسي على تسيير الشان العام ومدى احترامها للمواثيق الدولية والعلاقات الدبلوماسية مع دول العالم خاصة الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي فان الواقع اليوم يقتضي منا تتبع خطوات هذه القوى بفعل الواقع الملموس خاصة بعد تربع قوى الاسلام السياسي او بعضها على عروش اغلب الحكومات العالم العربي والاسلامي(ايران مصر المغرب...)
نهذف بهذه المقالة الى توضيح هذه الاشكاليات المرتبطة براهنية الدول العربية الاسلامية من خلال دراسة اهم ما افرزه الربيع العربي والاختيارات السياسية والبرناماجية التي يمكن للقوى الاسلامية الحاكمة ان تتبناها مع تحديد الافاق المستقبلية لهذه القوى والرهينة بقدرتها على بلورة مشروع مجتمعي تكمن نجاعته في معالجة المسائل المجتمعية واعمال قيم العدالة والمساواة والديمقراطية في عالم اليوم اي ان الخروج من هذه الازمات اليوم اذا سلمنا بوجود ازمة لن يتات لنا وللقوى الحاكمة اليوم ما لم نتمكن من بلورة مشروع متكامل الجوانب قادر على تقديم اجابات عن نسق المجتمع وتفكيك بنياته وتحليلها بشكل علمي عملي واقعي.
يقوم التوجه الاشتراكي على انتاج قراءات واقعية لفهم وتفسير الواقع وعلى تداول مناهج واساليب وحلول قادرة على الاحاطة بكل ما يهم القضايا المجتمعية انطلاقا من قاعته الاساسية باعتبار مصدره الجدلي التاريخي في تحليل الواقع الملموس باعتماد فكر واقعي عقلاني يراعي واقعية المعطيات ونجاعة الحلول المقترحة للخروج من الازمات التي قد تعصف بك مجتمع كيفما كان .
كان اليسار والى وقت قريب ملما وقادرا على تقديم حلول مقبولة لكل الازمات التي كان يعرفها المجتمع المغربي خاصة وانه كان ينعم بقدر كبير من الاحترام المجتمعي ودعم قوى مثقفة ومناضلة في الان ذاته تسهر على تسيير دوالبيه الحزبية .زعامات سياسية مثقفة من قبيل عبد الله العياشي بوعبيد بلال يعتة اليوسفي.... وهي رموز بالاضافة الى الى اخر لمعت نجوميتها في سماء النضال السياسي المجتمعي وحتى وان كنا لا نهدف الى المقارنة بين الزعامات الا ان الامر يقتضي منا اليوم الاقرار ان احد مصادر قوة اليسار القديم ترجع الى الجمع بين الزعامة والتنظير( الزعيم المثقف) وانعدامها في اغلبها اليوم مما يخلق اشكالا حتى على مستوى تجديد الرؤى واعطاء البدائل.
ان الجزم الوحيد اليوم الذي لم يعد صحيحا في المغرب هو ان المشكل ليس في التمييزبين اليسار واليمين بل في نجاعة تنظيمات اليسار السياسية والمدنية وقدرة على خلق الفارق سياسيا خاصة وان العالم العرب –خاصة المغرب- كان والى وقت قريب يعج بتنظيمات يسارية اشتراكية قادرة –الى حدود مقبولة-على خلق وابط اجتماعية قادرة على ابداع تضامنات على مستوى القيم والاهداف عندما كانت لها تجدرات مجتمعية وليس اهداف سياسوية والمشكل المفروض اليوم على هذه الاحزاب والذي يشكل قوة لمنافسيها حتى وان كان ظاهريا - قلت المشكل يكمن في كيفية استرجاع الشرعية القائمة على التجدر في المجتمع رغم ان ذلك يتطلب امدا طويلا يقتضي تفعيل او الرجوع الى تفعيل عمل القرب –الذي تخلى اليسار عنه واستغلته قوى الاسلام السياسي احسن استغلال- مع الجماعات الاساسية ومع المجموعات الاكثر هشاشة ناهيك على ضرورة التفكير وبشكل عمليفي كيفية تجميع قوى اليسار في قوتين لا قل ولا اكثر لانه اصبح واضحا ان هذا التشتيت والانقسام لا يشكل اي تعبير حقيقي عن الديمقراطية بل بالعكس من ذلك يعمقان اللاتسييس في المجتمع المغربي لان الفعل والممارسة و يقودان الى الفكر وبدون الفكر ينزوي الفعل على الفراغ الايديولوجي الذي يدفع الى اللتسيس