وجد امحند العنصر وزير الداخلية سببا صبيحة أمس للانتفاض في لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، بعدما تأجلت مناقشة مشروع رقم 12.131 المتعلق بمبادىء تحديد الدوائر الترابية للجماعات الترابية. امحند العنصر المعروف بهدوئه مل الانتظار والمجيء لمجلس النواب والاستماع فقط لطلبات التأجيل. لثالث مرة على التوالي تتفق فرق المعارضة والأغلبية على طلب تأجيل مناقشة ووضع التعديلات على مشروع القانون المحدد لمعايير تحديد الدوائر الانتخابية.
العنصر وبعدما استمتع لتدخلات ممثلي الفرق البرلمانية التي اتفقت على تأجيل المناقشة ، قال إن التأخر في إخراج المبادىء الكبرى« يجب أن يتحمل فيه الكل مسؤوليته، فنحن هنا في نفس اللجنة لأكثر من شهر ورغم أن من حقها أن تأخذ الوقت الذي يكفيها لمناقشة مشروع القانون إلا أن هذا لا يعفينا من إبداء الملاحظة بشأن التأخر في مناقشة هذا المشروع».
لم يكن يخفى على وزير الداخلية، الصراع الخفي الذي تدور دوائره حاليا بين الأغلبية من جهة وبين المعارضة وبين مكونات الأغلبية نفسها حول نص مشروع القانون المكون من صفحتين ونصف الصفحة. فمع أن ممثلي الفرق البرلمانية اتفقوا في ظاهر القول على طلب التأجيل بغية مزيد من الدراسة لأول قانون انتخابي تضعه الحكومة الحالية إلا أن الباطن كان مختلفا.
خارج القاعة الثانية التي احتضنت اجتماع لجنة الداخلية وفي باحة مجلس النواب، صرح العنصر لـ«الأحداث المغربية» أن 32 نصا انتخابيا بين مرسوم ومشروع قانون أصبحت في حكم الجاهزة مع العلم أن بعضها يحتاج لفتح مشاورات مع الأحزاب السياسية.
ما الذي يخفيه نص مشروع القانون المتعلق بتحديد المبادىء الكبرى لتحديد الدوائر الانتخابية. مع العلم أن نفس النص لم يقض على مهلة قليلة في مجلس المستشارين قبل أن يصادق عليه بالإجماع.
الخلاف متشعب في الواقع حول نص مادة واحدة هي المادة السابعة. مصادر “الأحداث المغربية” قالت إن الخلاف تعمق بين الفريق الحركي وبين فريق العدالة والتنمية حول نص المادة السابعة التي تقول بإحداث الجماعات وتحديد تسمياتها باقتراح من وزير الداخلية. وتعين بقرار لوزير الداخلية نفسه الحدود الترابية للجماعات وعند الاقتضاء مراكزها. كما يحدد داخل كل جماعة بقرار لوزير الداخلية مدار حضري يشمل كليا أو جزئيا النفوذ الترابي للجماعة ويعتبر الجزء الباقي من تراب الجماعة قرويا.
الخلاف حول هذا النص بين فريق الحركة الشعبية وفريق العدالة والتنمية كان حول سحب البساط من تحت أقدام العنصر في شأن بسط كامل سيادته على تقطيع الدوائر الانتخابية بقرارات لا مراسيم تخضع لرقابة المجالس الحكومية. عبد الله بوانو رئيس فريق العدالة والتنمية قال في تعليق له على التأجيل الجديد، إن الفرق مجتمعة أغلبية ومعارضة تحاول أن تخرج نص المادة السابعة من الخضوع المطلق “للقرار” أو “المرسوم” في المقابل، يقول بوانو الذي تحدث لعدد من الصحافيين أن المخرج للإشكال الحالي الواقع في مشروع قانون تحديد المبادىء العامة للدوائر الانتخابية هو بين إيجاد حل بين القرار والمرسوم. ما تبحث عنه العدالة والتنمية بالضبط هو ترك تحديد الدوائر تمر دون أن تكون هي بعيدة عن كل كبيرة وصغيرة في العملية. مصادر من داخل الحزب قالت إننا نعرف أن من يتحكم أولا وأخيرا في تحديد التقطيع الترابي للدوائر هو “الشيخ والمقدم” ولا يوقع وزير الداخلية في الأخير إلا على ورقة توضع بين يديه، في المقابل لن نطلب من وزير الداخلية أن يطلع على ملء شاحنة كبيرة من الخرائط ليقرر أين تنتهي حدود هذه الدائرة وأين تبدأ حدود الأخرى”.
واجهة الصراع الثانية تكمن بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة. “البيجيديون” يعلمون ويعون أن الجماعات الترابية توجد غالبيتها بين يدي منافسهم الشرس حزب الأصالة والمعاصرة ولهذا فهم لن يوافقوا على ترك التحديدات الكبرى أو المعالم الكبرى توضع بين رؤساء الجماعات والسلطات المحلية.
بين هذا الصراع وذاك ضاع مرة أخرى على الحكومة إخراج أول قانون انتخابي لحيز الوجود، رغم أنها لا تتحمل هذه المرة أي مسؤولية في ذلك