قصة قصيرة: في محطة القطار
لحظة انتظار…
زحمة غريبة ليست كباقي الأيام، جلست أنتظر وصول القطار..صوت موظفة المحطة تعلن تأخر القطار لمدة نصف ساعة..عزمت على الرحيل..توجهت للخارج..توقفت..عدت أدراجي..جلست مرة أخرى وفي نيتي الانتظار كباقي المسافرين..تطلعت حولي وركزت نظري على طفل صغير يداعب شعر أمه ويبتسم بافتخار، وكأنه يقول:
انظروا الي كيف أداعب أمي الحنون، تخيلته يرقص رقصة – القرد الفرح-، ابتسمت..ضحكت بيني وبين نفسي..استدرت للجهة الأخرى لأجد رجلا في مقتبل العمر ممسكا جريدة قديمة واضعا نظارة عجيبة وهو يقرأ بتمعن، أثار فضولي جدا فاقتربت بنظري قليلا.. الغريب في الأمر أنه يمسك الجريدة بالمقلوب، لم أستطع كبت ضحكي فأطلقت العنان لفمي..تطلع الرجل في ملامحي وهو يرمقني بنظرة كلها حقد وغضب.. فعدت بنظري لمكاني خائبة محرجة، قررت أن أغفو قليلا قبل وصول القطار..أغمضت عيني..سافرت لعالم الأحلام..رأيت أمي وهي تتخلى عني..رأيت أبي وهو يهجرنا..رأيت حبيبي السابق وهو يرميني..رأيت أخي..رأيت..رأيت…
وصول القطار…
وصل القطار وأنا مازلت في سفرة أحلامي أتحسر على ضياعي..أطلق القطار النداء الأول..النداء الثاني..النداء الأخير..انطلق القطار..فتحت عيني فلم أجد سوى الغبار..أسرعت محاولة اللحاق به..دون جدوى…
الرحيل…
تأملته وهو يبتعد..لقد تخلى عني هو الآخر..استدرت..لم أجد الطفل..لم أجد الرجل..لم أجد الناس..فلم يكن باستطاعتي سوى الرحيل..فعزمت على الرحيل…
ابتسام مسحت