عبد الوهاب الرامي
في أول مشاركة لي في إضرابات التلاميذ وأنا بقسم الملاحظة آنذاك أي ما يقابل اليوم السنة السادسة من التعليم الأساسي، كان متزعمو الإضراب يوعزون إلينا أن كلمة الإضراب مشتقة من فعل ضرب لا أضرب التي تعني أمسك وامتنع عن الشيء
فالإضراب مثلا عن العمل هو امتناع عنه لا تكسيرٌ للمنشآت
كسرنا زجاج نوافذ المؤسسة التي كنا ندرس بها، وكنا مباهين بمن كسر أكثر
وعلى الرغم من ذلك لم نفكر في إلحاق الأذي بالسيد المدير، عبر رميه بالحجارة، وقد كان ذلك متاحا، ولا محاصرته في الشارع العام والصعود فوق سيارته من أجل الانتقام منه ومن مقامه، ولا سبّه بأقذع الأوصاف، والتهديد بالاعتداء الجسدي عليه
لما أصبحت أكثر رشدا توسعت مداركي وأقررت بخطيئتي الطفولية، وتغير تصوري عن المدرسة التي قال فيها أحمد شوقي
أنا المدرسة ُ اجعلني كأمِّ ، لا تملْ عنِّي
ولا تفْزَعْ كمأخوذٍ من البيتِ إلى السِّجن
داعي هذا الكلام، ما بدأنا نلمسه من عنف جسدي مباشر يمارس على رموز الدولة: محاصرة رئيس الحكومة في الشارع العام الذي هو إكراه بدني أقرب ما يكون إلى العنف الجسدي، سب وزير الصحة المغربي بكلام المواسير أي القوادس ومحاولة الاعتداء عليه تحت قبة البرلمان من طرف صيادلة من المفترض أن يبيعوا الدواء عوض الداء، إدماء جبهة وزير بحجر وهو يقوم بجولة تواصلية
معروف أن العنف يختلف بين رمزي، ومعنوي، ولفظي، وجسدي. والسبيل الوحيد للخروج من كل أشكال العنف هذه هو تفعيل معادلة لا غني عنها: ثقافة الحوار من طرف السياسيين مقابل ثقافة الاحتجاج من طرف المواطنين. هكذا نصون هيبة الدولة التي تخدم الجميع
رميي لنوافذ ثانويتي بالحجارة وأنا في الحاديةَ عشرة من عمري، لم يكن طبعا عنفا جسديا مباشرا ضد شخص ما، لكنني مع ذلك أخجل... كلما تذكرته